الجمعة، 24 أغسطس 2012

جزائريون مهددون بالطرد من إسبانيا بسبب الأزمة الاقتصادية


ترحيلكشفت تقارير إعلامية وحقوقية إسبانية، عن دراسة السلطات الاسبانية خطة لطرد عشرات الآلاف من المهاجرين القادمين من بلدان شمال إفريقيا بما فيها الجزائر، من الأراضي الاسبانية مع استمرار الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مدريد.  وبالرغم من أن عددا كبيرا من المهاجرين الجزائريين قضوا مددا طويلة تتجاوز 10 سنوات وأحيانا أكثر في المدن الاسبانية إلا أنهم وجدوا أنفسهم في موقف حرج مخيرين بين البطالة والحاجة وبين العودة إلى الجزائر، علاوة عن الأقساط الشهرية التي يدفعونها للبنوك بالنسبة للذين اقتنوا شققا أو سيارات جديدة، حيث عجزوا عن مسايرة هذا الوضع العسير في ظل ارتفاع أسعار الفوائد وتضاعف أقساط الاقتطاعات الشهرية وانعدام فرص الشغل في مدن وغيابها تماما في مناطق أخرى. كل شيء باسبانيا يوحي بأن الأزمة الاقتصادية الاسبانية مستمرة وتمر من السيء الى الأسوأ، أمام ركود قطاع البناء وتراجع فرص العمل في الورشات الشاقة وتضاؤل الفرص ذاتها في الحقول الزراعية، بعدما اعتاد الجزائريون على ضمان لقمة العيش في جني المحاصيل الزراعية التابعة لكبار المنتجين في اشبيلية، مدريد،  مرسية وملغا، ناهيك عن تسريح آلاف العمال الذين بات أغلبهم يعاني من البطالة القاتلة.
مهاجرون يسكنون  في الخراب!
وحسب شهادات العشرات من المهاجرين الجزائريين الذين حلوا ببلدهم الأصلي لقضاء عيد الفطر مع ذويهم، فإن التجزءات السكنية هجرها المقاولون وتركوها للخراب، مما انعكس سلبا على قطاع الخدمات الذي عرف بدوره أزمة حادة تمثلت في إقفال العديد من المطاعم والمقاهي والمتاجر والنوادي لأبوابها أمام زبائنها، وقد شهدت اسبانيا ـ حسبهم ـ أعلى معدلات البطالة خلال الأشهر الأخيرة، الأمر الذي دفع كثيرين منهم إلى مغادرة اسبانيا بصفة نهائية والتوجه إلى العاصمة الفرنسية باريس بحثا عن فرص جديدة تسمح لهم بتجديد العهد مع العمل.
وفي هذا السياق، تفكر شريحة عريضة من المهاجرين الجزائريين الذين بات هاجس البطالة يقض مضجعهم ويؤرق بالهم، في الدخول إلى الجزائر، نظرا لانعدام الدخل وعدم قدرتهم على تأدية الأقساط الشهرية للضمان الاجتماعي، حيث تشترط الحكومة الإسبانية لتجديد وثائق الإقامة، العمل على الأقل 6 أشهر في السنة، وهو ما لم يتأت للمهاجرين هناك، مما جعل الآلاف منهم مهددون بالطرد إلى الجزائر، على الرغم من قضائهم لمدد طويلة ومتفاوتة، تتراوح بين 8 إلى 15 سنة للبعض منهم، مما دفع بالعديد منهم إلى ترحيل الزوجة والأبناء نحو الجزائر والإقامة مع الأصدقاء في شقق صغيرة بالأحياء الهامشية والفقيرة، يتاجرون في أسواق الخردة، حسب معاينة ميدانية قامت بها «البلاد» في بعض الولايات الداخلية على غرار الشلف، غليزان وعين الدفلى وبعض الولايات الساحلية كما هو حاصل بقوة في ولاية مستغانم، حيث عمد العديد من المهاجرين إلى المتاجرة في «الشيفون» بحثا عن قوتهم اليومي، في انتظار القادم.
هذا هو حال العديد من المهاجرين الذين واجهوا أمواج البحر العاتية على متن قوارب متهالكة ليصلوا إلى الضفة الأخرى التي بدأت تلفظهم اليوم، كما يلفظ البحر جثث الذين لم يحالفهم الحظ في الوصول إليها.
الجزائريون يضربون عن الطعام.. حتى في إشبيليا
«البلاد» التقت العديد من الشباب المهاجرين، عمالا وتجارا بينهم «سليمان. م«، شاب في العقد الثالث من العمر وصل إلى اشبيلية منذ 7 سنوات وعن طريق الهجرة غير الشرعية بعدما أبحر سرا من شاطئ عشعاشة بمستغانم، كان يعمل لدى أحد المستثمرين الإسبان في المجال الفلاحي، كان رئيسا لأكثر من 160 عاملا، دخلوا في إضراب مفتوح عن العمل مطالبة بزيادة في رواتبهم، لكنهم خسروا الرهان بعدما قرر صاحب المستثمرة تجميد نشاطه والرحيل من اشبيلية، ليجد نفسه في بطالة قاتلة وأنه يفكر في العودة النهائية إلى مسقط رأسه والبحث عن منصب شغل، هذا الوضع لا يختلف كثيرا عن الشاب «محمد ق. أ«، طالب جامعي نجح في ركوب أمواج البحر سنة 2008 على متن قارب متهالك من شاطئ المرسى بالشلف، قضى 4 سنوات في مدريد، لم يحالفه الحظ في الفوز بمنصب شغل مريح، مما حدا بالسلطات الإسبانية إلى رفض تجديد إقامته، وهو يعيش اليوم دون وثائق إقامة، يتوقع الأسوأ إذا ما حاولت السلطات الاسبانية التخلص من المهاجرين غير الشرعيين حسب مشروع قانون مكافحة الهجرة السرية المطروح على مستوى الحكومة الاسبانية.
«مروان. أ« شاب يبلغ من العمر 34 سنة ينحدر من بلدية سيدي عكاشة بالشلف، كان إلى حين أحد تجار التجزئة بملڤا، لكن حلول الأزمة مع بداية أكتوبر 2011 ساهم في تقليص مبيعاته اليومية بشكل تدريجي إلى حدود شهر ماي 2012، حيث عجز عن توفير مستحقات الكراء والضرائب وحاجياته اليومية، في ظل المنافسة الشرسة للمغاربة والصينيين الذين احتلوا السوق الإسبانية وأغرقوها بالمنتوجات الصينية ذات الأثمان المنخفضة، مما دفعه إلى التخلي عن نشاطه التجاري، وهو اليوم حائر بين الدخول والخوف من المجهول ومن السمعة السيئة لأقاربه ورفاقه وبين المكوث في اسبانيا ومواجهة «البطالة وربما الفقر».
أغلبية مقاولات البناء أعلنت عن إفلاسها، وبإعلانها هذا توقفت شرايين قطاع الخدمات وبدت التخفيضات مكتوبة بعناوين عريضة على واجهات المحلات التجارية، التي ما تزال تقاوم الأزمة، والمطاعم والأسواق الكبرى وحتى نوادي الترفيه، أعلنت عن قرب إفلاسها.
فلا حديث هناك إلا عن الأزمة،  ولتخفيف وطء هذه الأخيرة على الجزائريين، بات أغلبهم يجوب الأسواق الأسبوعية لجمع والتقاط ما خف وزنه وغلا ثمنه، لجمع أكبر قدر ممكن من هذه السلع، وبالتالي بيعها لسد رمق عيشهم.
هذا الوضع دفع بالعديد من المهاجرين إلى رفض مشروع العودة الطوعية التي أعلنت عنها الحكومة الإسبانية، حيث يفضلون النوم بالشوارع ومد اليد حسب تصريحات الكثير من الشباب من التقتهم «البلاد» عشية عيد الفطر، مفضلين طلب القوت اليومي على العودة إلى البلد، مستظهرين بطاقات إقامة مؤقتة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق